الصيام.. مقوي طبيعي لخصوبة الرجال والنساء
تناولت العديد من الدراسات الحديثة الفوائد الكثيرة للصيام بالنسبة للإنسان، وأكدت أن الصوم ليس مجرد فريضة دينية يتقرب بها العبد لربه فقط, بل هو أيضا وسيلة فعالة لوقاية الإنسان من أمراض خطيرة عجز الطب الحديث عن إيجاد علاج نهائي لها، كأمراض القلب والسرطان وغيرها، وكشف العلم الحديث عن فائدة جديدة للصيام، حيث توصلت دراسات طبية سعودية أجريت في كلية الطب في جامعة الملك عبد العزيز، إلى أن الصوم يسهم في تحسين خصوبة المرأة والرجل.
وأظهرت إحصائيات مستشفيات السعودية ارتفاعا في عدد حالات الحمل في شهر شوال "التالي لشهر رمضان"، وقد عزا الباحثون ذلك الى تأثير الصوم المحسن للاخصاب لدى كل من هرمونات المرأة والرجل، وأجرى الدكتور سمير عباس والدكتور عبدالله باسلامة دراسة لمعرفة تأثير صيام شهر رمضان في خصوبة الرجل، حيث قاما بأخذ عينات من الدم والمني خلال وبعد شهر رمضان من واحد وعشرين رجلا، ثمانية منهم أصحاء، والباقي لديهم خلل في عدد المنوياتoIigospermia، وذلك لتقييم أي تغييرات في معدلات المني والهرمونات لدي الرجال.
وقد بينت النتائج وجود تحسن في أداء هرمون الذكورة "التيستوستيرون"، كما زاد حجم المني وعددها، وتحسنا في نسبة المنويات الحية، وانخفاضا في نسبة تلك الميتة أثناء شهر الصيام، ورافق هذا التغير في مستوى التيستوستيرون أثناء الصوم، حدوث ارتفاع في مستوى الهرمون المنبه F.S.H الذي له علاقة بقوة الستيرويدات في نسيج الخصية، فيما ارتفع معدل هرمون البرولاكتين وهرمون الملوتن LH الذي له علاقة بتكوين المني، وخلصت الدراسة الى أن الصيام مفيد لخصوبة الرجل عن طريق تأثيره الهرموني وتأثيره المباشر على الخصيتين.
وفي دراسة مماثلة للدكتور حسن نصرت والدكتور منصور سليمان من جامعة الملك عبد العزيز حول تأثير صيام رمضان في هرمون المرأة لتحديد مدى تأثير صيام رمضان في خصوبة المرأة، تم قياس مستوى البروجستيرون والبرولاكتين في الدم لنساء تتراوح أعمارهن ما بين 22 - 25 عاما، وقد أظهرت النتائج أن الصيام يسبب انخفاضا في مستوى البرولاكتين لدى 80% منهن، فيما لم يتغير مستوى البروجستيرون.
الجدير بالذكر أن ارتفاع معدل هرمون البرولاكتين المسؤول عن ادرار حليب الثدي يؤدي الى عقم المرأة، مما يؤكد أهمية الصوم لعلاج عقم المرأة الناتج عن زيادة في هرمون البرولاكتين.
وقاية من القلب والسكري
وفي نفس السياق، أظهرت دراسة تركية حديثة أن الصيام يساعد على التقليل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، حيث يعمل على تراجع تأثير عوامل الخطورة المرتبطة بتلك الأمراض، وأشارت الدراسة إلى أن الصيام يساعد على خفض مستويات بروتين "سى" التفاعلي، وهو من البروتينات المرتبطة بتفاعلات الاحتقان، التى قد تحدث فى أنسجة الجسم.
وأجرى فريق البحث دراسة شملت 40 متطوعاً، كان نصفهم من الرجال، وقد تراوحت أعمار المشاركين ما بين 20-39 عاماً، حيث قاموا جميعاً بصيام شهر رمضان. كما ضمت عينة الدراسة 28 شخصاً، لم يكونوا من الصائمين، وتضمنت الدراسة جمع عينات مصل من المشاركين، وذلك على ثلاث فترات، الأولى قبل بدء شهر رمضان بأسبوع واحد، والثانية كانت خلال الأسبوع الأخير من الشهر، أما الفترة الثالثة فكانت بعد انقضاء ثلاث أسابيع على نهاية شهر الصيام.
واستهدفت الدراسة عدداً من المؤشرات الحيوية لقياس مستوياتها فى الدم، وهي؛ بروتين سى التفاعلي، هوموسيستين، فيتامين بى 12، الفوليت، الدهون الثلاثية، الكولسترول الشامل، الكولسترول الضار، والكولسترول الحميد، وطبقاً لما توصل إليه الباحثون؛ ارتبط التزام الفرد بالصيام المتقطع لفترة طويلة، والمشابه لصيام رمضان، بتراجع مستويات المؤشرات الحيوية، التى تمتلك خصائص مضادة للالتهابات غير الجرثومية، كما صاحب ذلك انخفاض واضح فى تراكيز الجزيئات، التى تشكل عوامل خطورة للإصابة بأمراض القلب والشرايين مثل؛ بروتين سى التفاعلي، هوموسيستين.
من جهة أخرى، أكدت دراسة علمية نشرت مؤخراً وجود فوائد صحية للصوم خلال شهر رمضان، من جهة خفض مخاطر الإصابة بداء السكرى عند الأفراد، بعد أن أظهرت دوره فى تحسين استجابة خلايا الجسم لهرمون الإنسولين، ويعتبر "الإنسولين" من الهرمونات الهامة فى الجسم، وهو ينتج فى البنكرياس، حيث يساعد على دخول جزيئات الجلوكوز إلى الخلايا، فتشكل تلك الجزئيات الوقود الضرورى واللازم للقيام بالعمليات الحيوية الخليوية.
وكان فريق بحث من "جامعة الشهيد بهشتى للعلوم الطبية"، بالعاصمة الإيرانية طهران، أجرى دراسة شملت مجموعة من المصابين بمتلازمة الأيض، والتى ترتبط بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب وداء السكري، وتضمنت الدراسة قياس مستوى ضغط الدم للفرد، كما جرى تحديد قيم عدد من العوامل لكل حالة مثل؛ قراءة محيط الخصر والوزن، مستوى الكولسترول الحميد، مستوى الدهنيات الثلاثية، تركيز السكر الصائم، وذلك مدة ثلاثين يوماً، خلال شهر رمضان.
وأوضحت الدراسة أن التغيّر فى توقيت وعدد الوجبات الذى ينخفض إلى وجبتين خلال شهر الصيام، قد يكون له دور فى تحسين استجابة الجسم لهرمون الإنسولين، عند المصابين بمتلازمة الأيض، والذين ترتفع لديهم مخاطر الإصابة بداء السكري، وأكد الدكتور مدحت الشافعي, أستاذ المناعة الإكلينيكية والروماتيزم بكلية الطب جامعة عين شمس في مصر أن الصيام وسيلة فعالة لتقوية جهاز المناعة، وأشار الشافعي إلي أن الصوم يزيد نشاط وقدرة الماكروفاج وهي الخلايا التي تلتهم وتحطم البكتيريا والفيروسات وأي أجسام غريبة تصل إلي الجسم وتمثل الخط الدفاعي الأول للجسم, وكذلك يزداد نشاط المناعة الخلوية وأساسها الخلايا الليمفاوية وهنا يتحقق الاعجاز العلمي للخالق سبحانه وتعالي، حيث يوجد علي سطح هذه الخلايا مستقبلات للأجسام الغريبة التي هاجمت الجسم.
وأضاف أن الصيام يزداد إفراز وتكوين "الإمينوجلوبينات" المناعية للحد من انتشار أي عدوي بالجسم, كما أن قدرة ونشاط خلايا النيتروفيل يزداد نشاطها وتهاجم هذه الخلايا أي أجسام غريبة والبكتيريا وتلتهمها من خلال حركتها الأميبية ويتم هضمها داخل الخلايا من خلال إفراز إنزيمات هاضمة.